فصل: شهر ربيع الأول سنة 1222:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» (نسخة منقحة)



.شهر ربيع الأول سنة 1222:

واستهل بيوم السبت وفيه كتبوا لكبير الإنكليز جواباً عن رسالته.
وفي يوم السبت خامس عشره، حضر علي كاشف الكبير الألفي بكلام من طرف شاهين بك الألفي يعتذر عن التأخير إلى هذا الوقت وأنهم على صلحهم واتفاقهم الأول وحضورهم إلى ناحية الجيزة وبات تلك الليلة في بيته بمصر ثم أقام ثلاثة أيام ورجع إلى مرسله وصحبته سليمان آغا الوكيل.
وفيه، حضر عابدين بك أخو حسن باشا من ناحية بحري وحضر أيضاً في أثره أحمد آغا لاظ وغيره من ناحية بحري وذلك أنهم ذهبوا خلف الإنكليز إلى قرب معدية البحيرة فخرج عليهم طائفة الإنكليز من البر والبحر وضربوا عليهم مدافع ونيراناً كثيرة فولوا راجعين وحضروا إلى مصر.
وفيه، حضر أيضاً الفسيال الكبير الإنكليزي الذي كان أرسل بدلاً عن ابن أخي عمر بك وقيل أنه ابن أخي صالح قوش فلما وصل إليهم أجابوا بأن المذكور سافر مع من سافر إلى الروم بمتاعهم وأموالهم قبل الواقعة حيث لم يكن المطلوب موجوداً فلا وجه لإبقاء الإنكليزي المذكور فردوه بعد أن رفعوا منزلته ورتبته عندهم فلما رجع إلى مصر خلى سبيله الباشا ولم يحبسه مع الأسرى بل أطلق له الإذن أيضاً في الرجوع إلى الإسكندرية أو إلى بلاده متى أحب واختار.
وفي منتصفه، استوحش الباشا من ياسين بك وضاق خناقه منه وذلك أنه لما حضر إلى مصر وخلع عليه الباشا دفع إليه ما كان وعده به من الأكياس وقدم له ما تقادم وإنعامات على أنه يسافر إلى الإسكندرية لمحاربة الإنكليز وطلب مطالب كثيرة له ولأتباعه وأخذ لهم الكساوى والسراويلات وأخذ جميع ما كان عند جبجي باشا من الأقمشة والخيام والجبخانة والاحتياجات من القرب وروايا الماء ولوازم العسكر في سفر البر والإفازة والمحاصرة إلى غير ذلك وقلد أباه كشوفية الشرقية وخرج هو بعرضيه وخيامه إلى ناحية الحلي ببولاق فانضم إليه الكثير من العسكر والدلاتية وغيرهم وصار كل من ذهب إليه يكتبه من جملة عسكره فاجتمع عليه كل عاص وأزعر ومخالف وعاق وصرح بالخلاف وتطلعت نفسه للرياسة وكلما أرسل إليه الباشا يرده وينهاه عن فعله يعرض عن ذلك وداخله الغرور وانتشرت أوباشه يعبثون في النواحي وبث أكابر جنده في القرى والبلدان وعينهم لجمع الأموال والمغارم الخارجه عن المعقول ومن خالفهم نهبوا قريته وأحرقوها وأخذوا أهلها أسرى فعند ذلك أخذ الباشا في التدبير عليه واستمال العسكر المنضمين إليه وحل عرى رباطاته فلما كان في ليلة الأربعاء تاسع عشره أمر عساكر الأرنؤد بالاجتماع والخروج إلى ناحية بولاق فخرجوا بأجمعهم إلى نواحي السبتية والخندق وأحالوا بينه وبين بولاق ومصر.
وفي ليلة السبت، ركب الباشا بجنوده وخرج تلك الناحية وحصن أبواب المدينة بالعساكر وأيقن الناس بوقوع الحرب بين الفريقين وأرسل الباشا إلى ياسين بك يقول له أن تستمر على الطاعة وتطرد عنك هذه اللموم وتكون من جملة كبار العسكر وإلا تذهب إلى بلادك وإلا فأنا واصل إليك ومحاربك فعند ذلك داخله الخوف وانحلت عزائم جيوشه وتفرق الكثير منهم فلما كان بعد الغروب طلب الركوب ولم يعلم عسكره أين يريد فركب الجميع وهم ثلاثة طوابير واشتبهت عليهم الطرق في ظلام الليل فسار هو بفريق منهم إلى ناحية الجبل على طريق حلق الجرة وفرقة سارت إلى ناحية بركة الحاج والثالثة ذهبت على طريق القليوبية وفيهم أبوه فلما علم الباشا بركوبهم ركب خلفهم وذهب خلف الطائفة التي توجهت إلى ناحية البركة حصة فلما علموا انفرادهم عن أميرهم رجعوا متفرقين في النواحي ورجع الباشا إلى داره ولم يزل ياسين بك في سيره حتى نزل بمن معه في التبين واستقر بها وأما أبوه فإنه التجأ إلى شيخ قليوب الشواربي فأخذ له أماناً وأحضر في ثاني يوم الإلى الباشا فألبسه فروة وأمره أن يلحق بابنه فنزل إلى بولاق ونزل في مركب مسافراً.
وفي يوم الاثنين رابع عشرينه، عين الباشا عسكراً ورؤساء عساكر وخيالة واصب معهم شديداً وجملة من عرب الحويطات للحوق بياسين بك ومحاربته ولما نزل ياسين بك بناحية التبين نهب قرى الناحية بأسرها مثل التبين وحلوان وطرا والمعصرة والبساتين وفعلوا بها أفاعيلهم الشنيعة من السلب والنهب وأخذ النساء ونهب الأجران والغلال والأتبان والمواشي وأخذ الكلف الشاقة ومن عجز عن شيء من مطلوباتها أحرقوه بالنار.
وفي يوم الخميس، رجع العسكر والعربان الذين كانوا ذهبوا لمحاربة ياسين بك وذلك أنهم لما قربوا من وطاقهم ارتحل إلى صول والبرنيل فولوا راجعين وتمموا في ذهابهم وإيابهم تدمير القرى.
وفيه ورد قاصد قابجي من إسلامبول وعلى يده مرسوم بالبشارة بولاية السيد علي باشا قبودان الدونتمه وتاريخه نحو ثلاثة أشهر فضربوا لقدومه المدافع من القلعة.
وفي يوم السبت تاسع عشرينه، رجع سليمان آغا من قبلي إلى مصر وأخبر بقرب قدوم الأمراء المصريين وأن شاهين بك وصل إلى زارية المصلوب وإبراهيم بك جهة قمن العروس وأنهم يستدعون إليهم مصطفى آغا الوكيل وعلي كاشف الصابونجي.

.شهر ربيع الثاني 1222:

واستهل بيوم الاثنين فيه سافر مصطفى آغا والصابونجي إلى جهة قبلي وصحبتها كتخدا القاضي.
وفي سادسه، وصل شخص ططري وعلى يده مرسوم فعمل الباشا ديواناً وقرأ المرسوم بحضرة الجمع مضمونه أن العرضي الهمايوني الموجه لحرب الموسكوب خرج من إسلامبول وذهب إلى ناحية أدرنه وأن العساكر سارت لمحاربة الأعداء ويذكورن فيه أن بشائر النصر حاصلة وقد وصل رؤس قتلى وأسرى كثيرة وأنه بلغ الدولة ورود نحو الأربع عشرة قطعة من المراكب إلى ثغر الإسكندرية وأن الكائنين بالثغر ترخوا في حربهم حتى طلعوا إلى الثغر فمن اللازم إليهتمام وخروج العساكر لحروبهم ودفعهم وطردهم عن الثغر وقد أرسلنا البيورلديات إلى سليمان باشا والي صيدا وإلى يوسف باشا والي الشام بتوجيهه العساكر إلى مصر للمساعدة وإن لزم الحال لحضور المذكورين لتمام المساعدة على دفع العدو إلى آخر ما نقموه وسطروه محل القصد من ورود هذه البيولديات والفرمانات والأغوات والقبيجات إنما هو جر المنفعة لهم بما يأخذونه من خدمهم وحق طريقهم من الدراهم والتقادم والهدايا فإن القادم منهم إذا ورد استعدوا لقدومه فإن كان ذا قدر ومنزلة أعدوا له منزلاً يليق به ونظموه بالفرش والأداوت اللازمة وخصوصاً إذا كان حضر في أمر مهم أو لتقرير المتولي على السنة الجديدة أو بصحبته خلع رضا وهدايا فإنه يقابل بالإعزاز الكبير ويشاع خبره قبل وروده إلى الإسكندرية وتأتي المبشرون بورود من الططر قبل خروجه من دار السلطنة بنحو شهر أو شهرين ويأخذون خدمتهم وبشارتهم بالأكياس، وإذا وصل هو أدخلوه في موكب جليل وعملوا له ديواناً ومدافع وشنكاً وأنزل في المنزل المعد له وأقبلت عليه التقادم والهدايا من المتولي وأعيان دولته ورتب له الرواتب والمصاريف لمآكله وأتباعه لمطبخه وشراب حالته أيام مكثه شهر أو شهوراً، ثم يعطى من الأكياس قدراً عظيماً، وذلك خلاف هدايا الترحيلة من قدور الشربات المتنوعة والسكر المكرر وأنواع الطيب كالعود والعنبر والأقمشة الهنجية والمقصبات لنفسه ورجال دولته وإن كان دون ذلك أنزلوه بمنزل بعض الأعيان بأتباعه وخدمه ومتاعه في أعز مجلس ويقوم رب المنزل بمصروفهم ولوازمهم وكلفهم وما تستدعيه شهوات أنفسهم ويرون أن لهم المنة عليه بنزولهم عنده ولا يرون له فضلاً بل ذلك واجب عليه وفرض يلزمه القيام به مع التآمر عليه وعلى أتباعه ويمكث على ذلك شهوراً حتى يأخذ خدمته ويقبض أكياسه وبعد ذلك كله يلزم صاحب المنزل أن يقدم له هدية ليخرج من عنده شاكراً ومثنياً عليه عند مخدومه وأهل دولته أقضية يحار العقل والنقل في تصويرها.
وفي يوم الأحد سابعه، وصلت القافلة والحجاج من ناحية القلزم على مرسى السويس، وحضر فيها أغوات الحرم والقاضي الذي توجه لقضاء المدينة وهو المعروف بسعد بك وكذلك خدام الحرم المكي، وقد طردهم الوهابي جميعاً وأما القاضي المنفصل فنزل في مركب، ولم يظهر خبره وقاضي مكة توجه بصحبة الشاميين وأخبر الواصلون أنهم منعوا من زيارة المدينة وأن الوهابي أخذ كل ما كان في الحجرة النبوية من الذخائر والجواهر وحضر أيضاً الذي كان أميراً على ركب الحجاج وصحبته مكاتبة من مسعود الوهابي ومكتوب من شريف مكة وأخبروا أنه أمر بحرق المحمل واضطربت أخبار الأخباريين عن الوهابي بحسب الأغراض ومكاتبة الوهابي بمعنى الكلام السابق في نحو الكراسة وذكر فيها ما ينسبونه الناس إليه من الأقوال المخالفة لقواعد الشرع ويتبرأ عنها.
وفيه ورد الخبر بأن إبراهيم بك وصل إلى بني سويف وأن شاهين بك ذهب إلى الفيوم لاختلاف وقع بينهم وأن أمين بك وأحمد بك الألفيين ذهبا إلى ناحية الإسكندرية للإنكليز.
وفيه كمل تحرير دفاتر الفرضة والمظالم التي ابتدعوها في العام الماضي على القراريط وإقطاعات الأراضي، وكذلك أخذ نصف فائظ الملتزمين وعينوا المعينين لتحصيله من المزارعين ذلك خلاف ما فرضوه علىالبنادر من الأكياس الكثيرة المقادير.
وفي ذلك اليوم، أرسل الآغا والي الشرطة أتباعهما لأرباب الصنائع والحرف والبوابين بالوكائل والخانات يأمرونهم بالحضور من الغد إلى بيت القاضي فانزعجوا من ذلك، ولم يعلموا لأي شيء هذا الطلب وهذه الجمعية وباتوا متفكرين ومتوهمين، فلما أصبح يوم الاثنين واجتمع الناس أبرزوا لهم مرسوماً قرئ عليهم بسبب زيادة صرف المعاملة، وذلك أن الريال الفرانسة وصلت مصارفته إلى مائتين وعشرة من الأنصاف العددية والمحبوب إلى مائتين وعشرين وأكثر والمشخص البندقي وصل إلى أربعمائة وأربعين فضة، ونحو ذلك فلما قرؤوا عليهم المرسوم وأمروهم بعدم الزيادة، وأن يكون صرف الفراسة بمائتين فقط والمحبوب بمائتين وعشرين فضة والبندقي بأربعمائة وعشرين، فلما سمعوا ذلك قالوا نحن ليس لنا علاقة بذلك هذا أمر منوط بالصيارف وانفض المجلس.
وفيه وصلت مكاتبة من إبراهيم بك، ومن الرسل مضمونها الأخبار بقدومهم وأرسل إبراهيم بك يستدعي إليه ابنه الصغير وولد ابنته المسمى نور الدين ويطلب بعض لوازم وأمتعة.
وفي يوم السبت ثالث عشره، سافر أولاد إبراهيم بك والمطلوبات التي أرسل بطلبها وصحبتهم فراشون وباعة ومتسببون وغير ذلك.
وفي يوم الاثنين، ورد سلحدار موسى باشا وعلى يده مرسوم بالعربي وآخر بالتركي مضمونهما جواب رسالة أرسلت إلى سليمان باشا بعكا بخبر حادثة الإنكليز إلى ثغر سكندرية ودخولهم إليها بمخامرة أهلها، ثم زحفهم إلى رشيد وقد حاربتهم أهل البلاد والعساكر وقتلوا الكثير منهم وأسروا منهم كذلك ونؤكد على محمد باشا والعلماء وأكابر مصر بالاستعداد والمحافظة وتحصين الثغور مثل السويس والقصير ومحاربة الكفار وإخراجهم وإبعادهم عن الثغر وقد وجهنا لكل من سليمان باشا وجنج يوسف باشا بتوجيه ما تريدون من العساكر للمساعدة ونحو ذلك.
وفيه أحضروا أربعة رؤوس من الإنكليز وخمسة أشخاص أحياء فمروا بهم من وسط المدينة ذكروا أن كاشف دمنهور حارب بناحية الإسكندرية فقتل منهم وأسر هؤلاء وقيل أنهم كانوا يسيرون لبعض أشغالهم نواحي الريف فبلغ الكاشف خبرهم فأحاط بهم وفعل بهم ما فعل وأرسلهم إلى مصر وهم ليسوا من المعتبرين وكأنهم مالطية وقيل أنهم سألوهم فقالوا، نحن متسببون طلعنا ناحية أبي قير وتهنا عن الطريق فصادفونا ونحن تسعة لا غير فأخذونا وقتلوا منا من قتلوه وأبقونا.
وفيه، وصلت مكاتبة من إبراهيم وأرسل الباشا إليهم جواباً صحبة إنسان يسمى شريف آغا.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرينه، وردت أخبار من ناحية الشام بأنه وقع بإسلامبول فتنة بين الينكجرية والنظام الجديد وكانت الغلبة للينكجرية وعزلوا، السلطان سليم وولوا السلطان مصطفى ابن عمه وهو ابن السلطان عبد الحميد بن أحمد وخطب له ببلاد الشام.
وفي يوم الخميس، وصل ططري من طريق البر يتحقق ذلك الخبر وخطب الخطباء للسلطان مصطفى على منابر مصر وبلاد مصر وبولاق وذلك يوم الجمعة سادس عشرينه.
وفي أواخره، أحدثوا طلب مال الأطيان المسموح الذي لمشايخ البلاد وحرروا به دفتراً وشرعوا في تحصيله وهي حادثة لم يسبق مثلها أضرت بمشايخ البلاد وضيقت عليهم معايشهم ومضايفهم.
وفيه، كتبوا أورقاً للبلاد والأقاليم بالبشارة بتولية السلطان الجديد وعينوا بها المعينين وعليها حق الطرق مبالغ لها صورة وكل ذلك من التحيل على سلب أموال الناس.
وفيه، كتبوا مراسلة إلى الأمراء القبليين بالصلح وأرسلوا بها ثلاثة من الفقهاء وهم الشيخ سليمان الفيومي والشيخ إبراهيم السجيني والسيد محمد الدواخلي وذلك أنه لما رجع شريف آغا الذي كان توجه إليهم بمراسلتهم أرسلوا يطلبون الشيخ الشرقاوي والشيخ الأمير والسيد عمر النقيب لإجراء الصلح على أيديهم فأرسلوا الثلاثة المذكورين بدلاً عنهم.
وفي هذه الأيام، كث خروج العساكر والدلاة وهم يعدون إلى البر الغربي وعدى الباشا بحر النيل إلى بر أنبابة وأقام هناك أياماً.

.شهر جمادى الأول سنة 1222:

فيه شرع الباشا في تعمير القلاع التي كانت أنشأتها الفرنساوية خارج بولاق وعمل متاريس بناحية منية عقبة وغيرها ووزع على الجيارة جيراً كثيراً ووسق عدة مراكب وأرسلها إلى ناحية رشيد ليعمروا هناك سوراً على البلد وأبراجاً وجمعوا البنائين والفعلة والنجارين وأنزلوهم في المراكب قهراً.
وفي منتصفه، وصل إلى مصر نحو الخمسمائة من الدلاتية أتوا من ناحية الشام ودخلوا إلى المدينة.
وفيه، طلب الباشا من التجار نحو الألفي كيس على سبيل السلفة فوزعت على الأعيان وتجار البن وأهل وكالة الصابون ووكالة التفاح ووكالة القرب وخلافها وحجزوا البضائع وأجلسوا العساكر على الحواصل والوكائل يمنعون من يخرج من حاصله أو نخزنه شيئاً إلا بقصد الدفع من أصل المطلوب منهم ثم أردفوا ذلك بمطلوبات من أفراد الناس المساتير فيكون الإنسان جالساً في بيته فما يشعر إلا والمعينون واصلون إليه وبيدهم بصلة الطلب إما خمسة أكياس أو عشرة أو أقل أو أكثر فإما أن يدفعها وإلا قبضوا عليه وسحبوه إلى السجن فيحبس ويعاقب حتى يتمم المطلوب فنه فنزل بالناس أمر عظيم وكرب جسيم.
وفي الناس من كان تاجراً ووقف حاله بتوالي الفتن والمغارم وانقطاع الأسباب والأسفار وأفلس وصار يتعيش بالكد والقرض وبيع متاعه وأساس داره وعقاره واسمه باق في دفاتر التجار فما يشعر إلا والطلب لاحقه بنحو ما تقدم لكونه كان معروفاً في التجار فيؤخذ ويحبس ويستغيث فلا يغاث ولا يجد شافعاً ولا راحماً وهذا الشيء خلاف الفرض المتوالية على البلاد والقرى في خصوص هذه الحادثة وكذكل على البنادر مقادير لها صورة وما يتبعها من حق طرق المعينين والمباشرين وتوالي مرور العساكر آناء الليل وأطراف النهار بطلب الكلف واللوازم وأشياء يكل القلم عن تسطيرها ويستحي الإنسان من ذكرها ولا يمكن الوقوف على بعض جزئياتها حتى خربت القرى وافتقر أهلها وجلوا عنها فكان يجتمع أهل عدة من القرى في قرية واحدة بعيدة عنهم ثم يلحقها وبالهم فتخرب كذلك وأما غالب بلاد السواحل فإنها خربت وهرب أهلها وهدموا دورها ومساجدها وأخذوا أخشابها ومن جملة أفاعيلهم الشنيعة التي لم يطرق الأسماع نظيرها أنهم قرروا فرضة من فرض المغارم على البلاد فكتبوا أوراقاً وسموها بشارة الفرضة يتولاها بعض من يكون متطلعاً لمنصب أو منفعة ثم يرتب له خدماً وأعواناً ثم يسافر إلى الإقليم المعين له وذلك قبل منصب الأصل وفي مقدمته يبعث أعوانه إلى البلاد يبشرونهم بذلك ثم يقبضون ما رسم لهم في الورقة من حق الطريق بحسب ما أدى إليه اجتهاده قليلاً أو كثيراً وهذه لم يسمع بما يقاربها في ملة ولا ظلم ولا جور وسمعت من بعض من له خبرة بذلك أن المغارم التي قررت على القرى بلغت سبعين ألف كيس وذلك خلاف المصادرات الخارجة.
وفي، أواخره قوي عزم الباشا على السفر لناحية الإسكندرية وأمر بإحضار اللوازم والخيام وما يحتاج إليه الحال من روايا الماء والقرب وباقي الأدوات.